من المعلوم أنّ الإنسان يَعِيش ضِمن سياقات اجتماعية وثَقافية مُعَيّنة تُحَتّم عليه القيام بجهود مُضْنية من أجل الانسجام مع الطّبيعية والتّناغم أو التّصالح معها؛ وإعادة الاعتبار لها نظراً لكونها شريكاَ أساسيا لا مَحِيد عنه فـــي الحفاظ على الحياة وتوازنها، فقد يحتاجُ الإنسان إلـــى الطّبيعية لأنه جُزء منها ولا يمكنه أن يتنكر لها ويقضي عليها، ومن ثم فهي تحتاجُ إلــى رعايته لها والحفاظ على مكوناتها الأساسية الطبيعية ومن ضمنها الإنسان ذاته.
تاريخيّا، منذ نَشْر توماس روبرت مالتوس Thomas R. Malthus كتابه مقالة عن مبدأ السكان في عام 1798، وطوال القرنين التاسع عشر والعشرين الماضيين، كانت الاهتمامات الديموغرافية تتركّز أساسا حول القدرة على إطعام بشرية تنمو بسرعة كبيرة (1.6 مليار في عام 1900 و6 مليارات في عام 2000، ومن شأنها أن ترتفع إلى 10 مليارات شخص بحلول عام 2050)، وضمان ظروف معيشية مناسبة لها. أُضيفت إلى هذه الاهتمامات في العقود القليلة الماضية مخاوف جديدة ذات طبيعة بيئية.
يكفي أن نعود، على سبيل المثال دون الحصر، لصاحب كتاب "هل ينبغي أن نخاف من سكان العالم؟" جان فيرون Jacques Véron لنهتدي إلى أن العلاقة بين تغير المناخ واشتداد التلوث واستمرار إزالة الغابات والأراضي الخصبة أصبحت أكثر حدةً وأكثر تواترا من ذي قبل. سيؤدي تزايد استخدام الموارد الطبيعية والتلوث إلى تفاقم ظواهر مثل الشح المتنامي في المياه العذبة والأراضي الخصبة وتسارع استنفاد التنوع الإحيائي وتغير المناخ. إذا لم تعالج هذه التحديات البيئية معالجة سريعة وحاسمة، فإنها ستحد من النمو الاقتصادي وفرص العمل على نحو متزايد. تتبدى هذه التكلفة في حالة الآثار المباشرة التي تخلفها الكوارث البيئية، من قبيل التلوث على نطاق واسع، بل إنها لترتفع أكثر بالنسبة لهذه الظواهر الأقل وضوحاً و"الأبطأ نشوءاً"، حيث كثيرا ما يستحيل عكس مسار الأضرار الواقعة.
مع تجديد المقاربات وتقاطع الاختصاصات تفاعلا مع هذه التحديات، أصبحت البيئة تعني المحيط الإيكولوجي لحياة الإنسان بما يشمل النبات والحيوان والماء والهواء والتربة. وضمنيا، ترتبط الكلمة بتدهور عام للمحيط الحيوي بفعل الثورة التكنولوجية وآثارها في المحيط الطبيعي وموارده الإيكولوجية، مع العلم أن تلبية حاجات البشرية المتنامية تعني، في الكثير من المجالات، استمرار الضغط على البيئات المعرّضة للضرر البشري، وخصوصا أنّ النمو الديموغرافي مصحوب بزيادة في نسبة سكان الحضر؛ إذ تُقدّر نسبة عدد سكان العالم في المدن بـ 54 في المئة في عام 2015، وتقدّر إسقاطاتها بنسبة 66 في المئة بحلول عام 2050 (زاد السكان الحضريون في العالم من 746 مليون نسمة في عام 1950 إلى 3.9 مليارات نسمة في عام 2015؛ وقد يصبح عدد الحضر 6 مليارات نسمة في عام 2045 .(
في مقاربة مميزة لهذه القضية، يُجادل جيورجوس كاليس Giorgos Kallis ضدّ الفكرة القائلة بأن البيئة شيء ينبغي تدبيره، سواء من خلال الاقتصاد أو الإرادة السياسية، أو وفقا للتوصيات العلمية. وعلى العكس من ذلك، يدافع عن أنّنا نحتاج من أجل معالجة المخاوف البيئية إلى تركيز إشباع الناس من خلال التقييد الذاتي للأفراد، ومن خلال الديمقراطية المباشرة، بديلا من النمو اللامحدود والاستهلاك المفرط. وفي نفس السياق، لخّص هنري فارفيلد أوزبورن Fairfield Osborne (1857 – 1935) في كتابه الشهير "كوكبنا في نهب"، الأزمة بالخطر من أن تلتهم البشرية الموارد الطبيعية وتخرّبها أكثر من تخريب أيّ حرب كانت. وقد تجلّى ذلك في توازي مسارين متصاعدين يتلخّصان في النموّ الاقتصادي اللامتناهي من جهة، ثم النموّ الديموغرافي المتزايد من جهة أخرى، ما أنتج استغلالا فاحشا للثروات الطبيعية.
والجدير بالذكر، في هذا السياق، أنه على الرغم من أن المجتمع الدولي راكم مجموعة من المكتسبات التي تُجسّد في مجملها الرغبة في تجاوز مختلف الإشكالات والتحديات التي تواجه الأمن البيئي العالمي، سواء على مستوى السياسات العامة الداخلية، أو في إطار التعاون الدولي، أظهرت الممارسة الدولية أن هذه الجهود وعلى أهميتها، تظل دون النتائج المطلوبة، بفعل استمرارية التأثر بعلاقات القوة والنفوذ وما يتولد عنها من غموض واختلاف وتناقض. تتجلى هذه الحقيقة، مثلا، في ضعف انضباط العديد من الدول وعدم تنفيذ التزاماتها الدولية في هذا الإطار، وهو ما أفرز خيبة أمل في أوساط عديد الفعاليات على امتداد مناطق مختلفة من العالم، وضمنها المنطقة العربية، دفعها إلى المرافعة بشأن بلورة جهود وسياسات أكثر نجاعة وفعالية لحماية الأمن البيئي، وتشكّل الناشطية السياسية والمدنية والحقوقية إحدى أهم هذه الفعاليات التي أصبحت تقوم، تبعا لإمكاناتها والثقافة التي تحيط بها، بأدوار مهمة في هذا الخصوص على المستويين الداخلي والدولي.
ضمن هذه الفاعلية وإرهاصاتها الأولية، يُنتظر الانتباه إلى أنه بقدر ما تحيط الوفرة بالعديد من دول المنطقة العربية، لا تنفك الندرة تحاصره من كل جانب. وحتى اليوم، يبدو أن هذه المنطقة لا تزال تبحث عن نفسها على الرغم من مواردها وقواسمها المشتركة المادية والرمزية الكثيرة. صحيح أنها راكمت في بعض الحالات مجموعة من المكتسبات التي تُجسّد طموح بعضها إلى تجاوز مختلف الضغوطات والمعضلات التي تعترض أمنها البيئي، سواء على مستوى السياسات العامة الداخلية، أو في إطار التعاون الدولي، بيد أن الواقع يكشف أن هذه الجهود لا تزال موضع نقد وإحباط.
في هذه الفضاءات الجغرافية، يتم تقزيم ميزانيات إدارات البيئة والأبحاث العلمية حولها مقابل تضخيم ميزانيات قطاعات الدفاع أو الأمن الوطني، حتى في الدول التي يكون التهديد الرئيس للأمن فيها هو التصحر، والفقر، والبطالة، وهو ما يفيد أن المعركة الحقيقة من أجل الأمن الوطني والإنساني تكمن في التصدي لحالات تصحر الأرض وتَصلًّب المعيشة. الملاحظ كذلك أن أولئك المعنيين بأجندة التنمية أو الذين يعملون من أجلها لا يقرون بعد أن البيئة لا بد أن تكون في صميم كل الحلول، ذلك أن إهمالها يكمن في أصل كل مشكلاتنا إلحاحا. الأمر نفسه ينطبق على المشتغلين بالمجال البيئي أو من يسمون أنفسهم تعسفا بهذا الاسم؛ إذ قليلون، تبعا لعديد الشواهد، أولئك الذين يضحون طواعية بأوقاتهم وسعادتهم الشخصية من أجل الترافع والدفاع عن البيئة من سوء التدبير والتقدير، في حين كثيرون أولئك الذين قادتهم الخلفيات السياسية أو الإيديولوجية إلى الانخراط في المنظمات البيئية، أو جعلتهم حساباتهم المادية يتعاملون مع قضية البيئة (وغيرها من القضايا) من خلال هذه المنظمات كما لو أنها "الدجاجة التي تبيض ذهبا". هذه الذهنية وما يصاحبها عادة من نفسانيات تُفسِّر ربما السبب وراء تراكم الإخفاقات أو التراجعات. وإذا لم يُعَد النظر، بحزم وفي أقرب وقت، في هذه الرؤى المشوَّهة للمشاركة المدنية، فلن يكون مصير الأهداف الإنمائية للألفية هو الفشل فقط، بل قاعدة الموارد التي تقوم عليها التنمية ستتدمر أيضا، وبهذه الطريقة تتفاقم وتترسخ الإكراهات التي تواجهها. لذلك، وبشكل عام، ستكون الحركات الاجتماعية المعاصرة، ومنها الحركات البيئية، في مواجهة خصوم عدة، وفي مقدمتهم، إلى جانب عدد كبير من المنتمين إليها، من يدبِّر الشأن العام وينتج المعلومات ويتحكم في نشرها، ويسنّ بالتالي قوانين ثقافية تحدّد سياقات الحياة اليومية البيئية، الفردية منها والجماعية.
أخذا في الحسبان هذه التحديات وما يرتبط بها من تنامٍ لوعي بيئي عربي تختلف درجاته وتتعدد مقارباته وسياساته لاعتبارات متعددة ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية، يطرح القائمون على المؤلّف الجماعي الموسوم بـ: "الوعي البيئي العربي في ظل التغيرات المناخية والجيوسياسية" المحاور الآتية للاستكتاب:
الرأسمالية والبيئة والتنمية.الكُلفة الاقتصادية لحماية البيئة.البناء الاجتماعي للمفاهيم البيئية.البِناء الاجتماعي للبيئة والثقافة.الثقافة والبيئة.التنشئة الاجتماعية والبيئة.الحركات الاجتماعية والبيئية.الفكر السياسي والأفكار البيئية.الفاعل السياسي والبيئة.العدالة الإيكولوجية.الأخلاقية والبيئة.التنمية المستدامة أم الاستدامة الاجتماعية؟جماعات اللوبي والبيئة.اقتصاديات الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة.الإنصاف ما بين الأجيال، وما بين الجيل نفسه.التّضامن ما بين الأجيال، وما بين الجيل نفسه.الديون الايكولوجية والعدالة ما بين الأجيال.الثقافة البيئية لدى الفاعل.
مقتضيات عامة:
- أولًا: أن يكون البحث أصيلا معدّا خصيصا لهذه الدعوة، وألّا يكون قد نشر جزئيًا أو كليّا أو نُشر ما يشبهه في أيّ وسيلة نشر إلكترونية أو ورقية، أو قُدّم في أحد المؤتمرات العلمية من غير المؤتمرات التي يعقدها المركز، أو إلى أيّ جهة أخرى.
- ثانيًا: أن يرفق البحث بملخص لا يتجاوز 200 كلمة، وكلمات مفتاحية.
- ثالثا: في حال وجود مخططات أو أشكال أو معادلات أو رسوم بيانية أو جداول، ينبغي إرسالها بالطريقة التي استغلت بها في الأصل بحسب برنامجَي اكسل(Excel) أو وورد(Word)، ولا تقبل الأشكال والرسوم والجداول التي ترسَل صورًا.
- رابعا: تستقبل اللجنة العلمية الأوراق الأولية الكاملة (من 6500 إلى 10000 كلمة) في موعد أقصاه 30 سبتمبر/ أيلول 2022. ستخضع جميع البحوث المنجزة للتحكيم، وللجنة العلمية وحدها سلطة إقرار الورقة العلمية المقدمة للنشر من عدمه. سترفق الورقة المرسلة للتحكيم إلى عضوين من لجنة التحكيم على الأقل باستمارة تحدد بدقة معايير التحكيم. أما بالنسبة للأمور الفنية الأخرى (الخط وحجمه...)، فستترك لهيئة التحرير والتنسيق مهمة تحديدها بعد تجميع الأعمال المجازة للنشر.
- خامسا :ستسلم الأوراق تبعا للمواعيد الآتية:
- 15 أكتوبر 2022 / تشرين الأول 2022: الأوراق الأولية
- 10 نونبر/ تشرين الثاني 2022: الرد على الأوراق الأولية
- فاتح مارس/ آذار 2023: تقديم الأوراق الكاملة
- فاتح ماي/ أيار 2022: الرد على الأوراق النهائية
- سنة 2023: سيعمل القائمون على نشر الأوراق المقبولة ضمن مؤلف جماعي.
*ملحوظة: لا يمكن لأصحاب الأوراق المنشورة المطالبة بأي امتياز مادي عن النّشر.
- سادسا: أن يتقيد البحث بكتابة الهوامش وعرض المراجع وفق أسلوب جمعية علم النفس الأمريكية (APA)/ بعض الأمثلة:
الكتب (العربية)
اسم المؤلّف، عنوان الكتاب، اسم المترجم أو المحرّر، الطبعة (مكان النشر: الناشر، تاريخ النّشر)، رقم الصّفحة.
كيت ناش، السوسيولوجيا السياسية المعاصرة: العولمة والسياسة والسلطة، ترجمة حيدر حاج إسماعيل (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2013)، ص 116.
ويُستشهد بالكتاب في الهامش اللاحق غير الموالي مباشرةً على النّحو التالي مثلًا: ناش، ص 117.
أما إن وجد أكثر من مرجع واحد للمؤلّف نفسه، ففي هذه الحالة يجري استخدام العنوان مختصرا: ناش، السوسيولوجيا، ص 117.
ويُستشهد بالكتاب في الهامش اللاحق الموالي مباشرةً على النّحو التالي: المرجع نفسه، ص 118.
أمّا في قائمة المراجع فيرد الكتاب على النّحو التالي:
ناش، كيت. السوسيولوجيا السياسية المعاصرة: العولمة والسياسة والسلطة. ترجمة حيدر حاج إسماعيل. بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2013.
وبالنسبة إلى الكتاب الذي اشترك في تأليفه أكثر من ثلاثة مؤلفين، فيُكتب اسم المؤلف الرئيس أو المحرر أو المشرف على تجميع المادة مع عبارة "وآخرون". مثال:
محمد عابد الجابري وآخرون، وحدة الثقافة العربية وصمودها بوجه التحديات، ط 1 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997)، ص 109.
ويُستشهد به في الهامش اللاحق كما يلي: زين الدين وآخرون، ص 109.
أمّا في قائمة المراجع فيكون كالتالي:
الجابري، محمد عابد وآخرون. وحدة الثقافة العربية وصمودها بوجه التحديات. ط 1. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، .1997
الدوريات
اسم المؤلّف، "عنوان الدّراسة أو المقالة"، اسم المجلّة، المجلّد و/أو رقم العدد (سنة النّشر)، رقم الصّفحة. مثال:
أسمهان بنفرج، " الوعي البيئي وتشكّل الحركات الاجتماعية الجديدة في مدينة تونسية: نضال المجتمع المدني ضد التلوث البيئي في مدينة صفاقس"، عمران، المجلد 41، العدد 515 (صيف 2022)، ص 129.
أمّا في قائمة المراجع، فنكتب:
بنفرج، أسمهان. "الوعي البيئي وتشكّل الحركات الاجتماعية الجديدة في مدينة تونسية: نضال المجتمع المدني ضد التلوث البيئي في مدينة صفاق." عمران. المجلد 41. العدد 515 (صيف 2022).
مقالات الجرائد
تكتب بالترتيب التالي (تُذكر في الهوامش فحسب، ومن دون قائمة المراجع). مثال:
إيان بلاك، "الأسد يحثّ الولايات المتحدة لإعادة فتح الطّرق الدبلوماسية مع دمشق"، الغارديان، 17/2/2009.
المنشورات الإلكترونية
عند الاقتباس من مواد منشورة في مواقع إلكترونية، يتعين أن تذكر البيانات جميعها ووفق الترتيب والعبارات التالية نفسها: اسم الكاتب إن وجد، "عنوان المقال أو التقرير"، اسم السلسلة (إن وُجد)، اسم الموقع الإلكتروني، تاريخ النشر (إن وُجد)، شوهد في 9/8/2016، في: http://www......
ويتعين ذكر الرابط كاملًا، أو يكتب مختصرًا بالاعتماد على مُختصِر الروابط (Bitly) أو (Google Shortner). مثل:
"ارتفاع عجز الموازنة المصرية إلى 4.5%"، الجزيرة نت، 24/12/2012، شوهد في: 25/12/2012، في: http://bit.ly/2bAw2OB
الكتب (اللغة الإنكليزية وغيرها من اللغات الأجنبية)
James Piscatori, Islam in a World of Nation-States (Cambridge: Cambridge University Press, 1986), p. 116.
الدوريات
Robert Springborg, “State-Society Relations in Egypt: The Debate Over Owner-Tenant Relations,” Middle East Journal, vol. 45, no. 2 (Spring 1991), p. 247.
تنسيق وتحرير
الحبيب استاتي زين الدين والحسين شكرانـــــي
ملاحظة: تُرسل الأوراق الأولية والنّهائية إلــى البريد الإلكتروني الخاص بالكتاب العربي للقانون الدولي:
arjil.org@gmail.com