انطلقت الدراسات التي تبحث في العلاقات بين العوامل الطبيعية والصراعات في المقام الأول ضمن أبحاث السلام (Peace Research)، إذ اشتركت المجموعات البحثية الأولى في التوجه نحو الكشف عن الارتباطات السببية الموجودة بين التغير والإجهاد البيئي والنتائج المترتبة على ذلك. أسست وأطلقت العديد من المدارس البحثية برامج طموحة تطورت على ثلاث مراحل بحسب الأستاذ دالبي، جاءت أبحاث المرحلة الأولى (1970 وَ 1980) بوصفها نتاجا للتعاون الأول بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، ثم لاحقاً بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومعهد أوسلو لأبحاث السلام[1][Peace Research Institute Oslo (PRIO)] حول التأثيرات البيئية للحروب والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعمل الرائد لآرثر وستنغ ومساهمات كل من أوزبورن وبراون وغالتنغ، بالإضافة إلى مقترحات أولمان ومايرز وماتيوز. أما المرحلة الثانية (منذ العام 1990) فقد اتسمت بوجود اثنين من البرامج البحثية الأمبريقية الواسعة حول الصراعات البيئية؛ الأول يتعلق بأعمال"جماعة هومر-دكسون، بليت"(تورونتو)،أما البرنامج الثاني فيدور حول أعمال فريق "بيرن – زيوريخ، بايتشر سبللمان"[2].
لم تكن المشكلات البيئية شاغلاً محورياً في تخصص العلاقات الدولية الذي ركز على مسائل تتعلق بــ"السياسات العليا" كالأمن والصراعات بين الدول مثلاً. إلاّ أن التصاعد في حجم المشكلات البيئية عبر الحدود اعتباراً من العام 1970 قد رأى انبثاقا لتخصص فرعي مكرس في حقول العلاقات الدولية يُعنى بالتعاون البيئي الدولي، وركز مبدئياً على إدارة وتدبير مصادر الملكيات المشتركة كأنظمة الأنهار الرئيسية، والمحيطات، والغلاف الجوي. وقد تطور هذا المجال البحثي بخطى سريعة منذ ذلك الحين مع تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل، وبروز مشكلات تتفرد بكونها بيئية ذات أبعاد كونية، كالتغير المناخي وتضاؤل طبقة الأوزون وتآكل المجال الحيوي. وقد اهتمت معظم الأبحاث بدراسة منظومات الحكم البيئية Environmental regims) ( بداية بالإطار النظري الناشئ عن اللبرالية الجديدة، والذي قارب مسألة البيئة فقط من منظور أنها "مجال جديد من القضايا"، أو مشكلة سياسية جديدة، بدلاً من التعامل معها باعتبارها تحديا نظريا جديدا[3]. وبسبب جدية وخطورة التحديات الأمنية للتحولات المناخية التي أصبحت تهدد أمن الدول والأفراد والجماعات والحيوانات والنباتات، فقد بادرت العديد من الدول إلى جعل التّحولات المناخية "تهديداً خطيراً للأمن القومي".
وبالفعل تضمنت الوثيقة الاستراتيجية للأمن القومي الأمريكي التي وقعها باراك أوباما في العام 2010، وللمرة الأولى، قسما مكرسا للانعكاسات العسكرية للتحول المناخي؛ فبسبب تأثير التغير المذكور في البيئة وفي الأهالي، فإنه بحسب هذه الاستراتيجية يجب أن تدمج التحولات المناخية ضمن منظور الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وتتكامل معها.
ولا يخفى أن مسألة العلاقة بين التغير المناخي وبين الحروب، باتت تظهر بصورة منتظمة في أعمدة صحيفة القوات المسلحة Armed Forces Journal)) مجلة ضباط الجيش الأمريكي الشهرية، ومجلة الشؤون الخارجية فورن أفيرز Foreign Affairs))[4] وغيرها من الصحف العالمية. وفي العام 2009 افتتحت وكالة المخابرات المركزية مركز التغيرات المناخية والأمن القومي (C2ES)، وأوكلت إليه التفكير في مفاعيل التحول المناخي على "الأمن القومي"، وتقديم معلومات استراتيجية إلى المفاوضين الأمريكيين الذين يشاركون في الاجتماعات الدولية التي تعقد حول هذه المسألة[5] .
أما الجمعية الوطنية الفرنسية فإنها كرست في سنة 2012 تقريرا خاصا يتمحور حول "تأثير التغير المناخي على الأمن والدفاع"[6] ويطرح فرضية تقول إنه يمكن للجيش في المستقبل أن يُمارس وظيفة "مختص بالفوضى" باعتبار أن الأزمة البيئية ستؤدي إلى تفاقم الكوارث الطبيعية التي سوف تزيد من هشاشة المؤسسات القائمة، ولاسيما في الدول السائرة في طريق النمو. واعتبر التقرير بأن الجيش سيكون في بعض الحالات الطرف الوحيد القادر على التدخل لوقف الفوضى. واعتبر التقرير أن مثل هذه التطورات متوقعة في ثلاث مناطق حيوية للاتحاد الأوروبي، وهي منطقة جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة جنوب غربي آسيا ومنطقة القطب المتجمد الشمالي[7].
واعتبر تقرير التنمية البشرية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) للعام 1994[8]، أول من أسّس لمفهوم الأمن الإنساني، وأدخله بقوة إلى حقل الدراسات الأمنية، إذ جاء فيه أن الأمن كان يعني أمن الدول ضد العدوان الخارجي، وكان مرتبطاً بالدول أكثر من ارتباطه بالناس، إذ أهملت الانشغالات الشرعية للإنسان العادي المنشغل والمهموم بتحقيق أمنه من خلال الحماية من تهديدات[9] الأوبئة، والمجاعة، والبطالة، والجريمة، والصراع الاجتماعي، والقمع السياسي، والأخطار البيئية. وبالتالي -حسب التقرير-فالشعور بانعدام الأمن بالنسبة لأغلب البشر مصدره هموم الحياة اليوميّة أكثر من الأحداث العنيفة كالحروب[10] .
كما أكد تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لسنة 1999 الموسوم بــ "عولمة ذات وجه إنساني Globalization with a Human Face "[11] أنه على الرغم مما تقدّمه العولمة من فرص هائلة للتقدم البشرى في كافة المجالات نظرًا إلى سرعة انتقال المعرفة وتدفق التكنولوجيا الحديثة وسرعة انتقال السلع والخدمات، فإنها في المقابل تفرض مخاطر هائلة على الأمن البشرى في القرن الحادي والعشرين، وهذه المخاطر ستصيب الأفراد في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء. وقد حدّد التقرير سبعة تحديات أساسية تهدد الأمن الإنساني في عصر العولمة تتمثل في عدم الاستقرار المالي، وغياب الأمن الوظيفي وعدم استقرار الدخل، وغياب الأمن الصحي، ثم غياب الأمن الثقافي، وغياب الأمن الشخصي، إلى جانب غياب الأمن البيئي، وغياب الأمن السياسي والمجتمعي[12].
إن خطورة التحولات المناخية بالمنطقة العربية تؤكدها العديد من الدراسات الاستشرافية الحديثة، مثل تقارير ودراسات الهيئة بين الحكومية المعنية بالتغير المناخي (IPCC) ؛ والمنظمة العالمية للأرصاد الجويةWMO)) ؛ ومعهد بوتسدام للأبحاث حول التأثيرات المناخية(PIK)[13]؛ واللجنة الأممية للتنمية المستدامة المعروفة بالمجلس القيادي لشبكة حلول التنمية المستدامة [Leadership Council of the Sustainable Development Solutions (SDSN)][14].
وبذلك فإن التهديدات المناخية المتربصة بالمنطقة العربية تكمن في كونها تضرب بشدة أضعف الفئات، فتؤدي إلى نزوح الملايين من اللاجئين البيئيين الفارين من الظروف المناخية المتطرفة؛ وتنامي الإرهاب؛ وتوسع المساحات المتصحرة على حساب الأراضي الصالحة للزراعة؛ وتدهور الأوضاع الصحية، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار البطالة وتعميق المشاكل الاجتماعية؛ وزيادة معدلات الإجرام؛ وانتشار الدول الفاشلة.
إن مشروع هذا الكتاب الجماعي هو محاولة لتنمية منظور الأمن المرتبط بالتحولات المناخية بالمنطقة العربية، بالتركيز على خطورة التحديات، والتعمق أكثر لإيجاد الحلول الواقعية التي يمكن تنفيذها لتجنيب المنطقة العربية المزيد من الحروب والانتكاسات الاجتماعية وتدهور الأنساق البيئية.
المحاور المقترحة:
أية علاقة بين التحولات المناخية وتوسع المخاطر الأمنية بالمنطقة العربية؛
آليات صنع السياسات العامة البيئية بالمنطقة العربية ومدى ملاءمتها للتحديات الأمنية المرتقبة للتحولات المناخية؛
الأدوار المستقبلية للجيوش العربية في سياقات التحولات المناخية؛
التحديات الأمنية المستقبلية المرتبطة بندرة المياه بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
مستقبل الأمن الغذائي العربي في سياقات التحولات المناخية وسبل المواجهة؛
التحديات الأمنية المرتبطة بالتصحر بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
التحديات الأمنية المرتبطة بتدهور وتسمم التّربة بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
التحديات الأمنية المرتبطة بارتفاع منسوب مياه البحار بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
التحديات المرتبطة بصعوبات التّحول الطّاقي بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية وسبل مجابهتها؛
الهجرة المناخية بالمنطقة العربية وسبل المواجهة؛
كيفية مجابهة التحديات الأمنية الصحية بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
تنمية الغابات العربية وسبل المحافظة عليها في ظل تحديات الاحترار العالمي؛
الحلول المستدامة المكافحة للفقر بالمنطقة العربية في سياقات التحولات المناخية؛
الأدوار المستقبلية للجامعات في تعزيز فرص الأمن المستدام والتنمية بالمنطقة العربية؛
المجتمع المدني-المحلي العربي والعالمي-وسبل مكافحة التحديات الأمنية المرتبطة بالتحولات المناخية بالمنطقة العربية؛
المحاور البيئية العالمية وتحدي بناء محور عربي موحد للدفاع عن الحقوق البيئية للأجيال العربية المقبلة.
ملاحظات هامة
- تخضع جميع البحوث المرسلة للتحكيم المسبق من قبل لجنة علمية مختصة.
- يتراوح حجم البحوث والأوراق البحثية بين 5000 وَ 6000 كلمة بخط Simplified Arabic كلمة.
- ترسل الأبحاث باللغات التالية: العربية، الإنجليزية، الفرنسية.
- آخر أجل لاستقبال الأوراق البحثية النهائية هو 1مارس2022 (مرفوقة بملخص وجيز في حدود 150 كلمة)
- تُرسل الأوراق البحثية إلى البريد الالكتروني لمؤسسة أرجيل arjil.org@gmail.com
أو إلى الأستاذ القضاوي خالد:
elkadaouikhalid@gmail.com
ترتيب المراجع والهوامش
- الكتب: اسم المؤلف. عنوان الكتاب، اسم المترجم أو المحرر إن وُجد (مكان النشر: الناشر، تاريخ النشر).
- الدوريات: اسم المؤلف. "عنوان المقالة"، اسم المجلة، العدد (مكان النشر: الناشر، السنة).
- المواد الإلكترونية: عموما لا يمكن قبول الإحالات الإلكترونية إلاّ إذا تم اعتماد المواقع الإلكترونية المعترف بها دولياً، ومثال ذلك موقع منظمة الأمم المتحدة. اسم الموقع الإلكتروني، تصفح الموقع بتاريخ، ذكر الرابط الإلكتروني.
- الصفحات: يلتزم الباحث بتبيان رقم الصفحة، ويجب عليه أن يعتمد على الترتيب الأبجدي في كل صفحة.
- مقدمة عامة: يجب أن تتضمن بإيجاز تحديد المفاهيم الأساسية، والمنهجية المعتمدة، والإشكالية الأساسية للموضوع.
- تكون بنية الدراسة على الشكل التالي:
أولا. (ذكر العنوان): الخط 16
1. (ذكر العنوان): الخط 15
- (ذكر العنوان) الخط 15
- (ذكر العنوان) الخط 15
2. (ذكر العنوان)
- (ذكر العنوان): الخط 15
- (ذكر العنوان): الخط 15
ثانيا. (ذكر العنوان): الخط 16
1. (ذكر العنوان): الخط 16
- (ذكر العنوان): الخط 15.
- (ذكر العنوان): الخط 15.
- 2. (ذكر العنوان): الخط 16
- (ذكر العنوان): الخط 15
- (ذكر العنوان): الخط 15
الخاتمة: يجب أن تُخصص للنّتائج الأساسية ولا يمكن أن تكون ملخصا للدراسة؛ ويستحسن ألاّ تتضمن الخاتمة أية إحالة.
[1] Peace Research Institute Oslo (PRIO) (www.prio.org), accessed October 1, 2021.
[2] قسوم سليم، دراسات الأمن البيئي. المسألة البيئية ضمن حوار المنظارات في الدراسات الأمنية. المجلة العربية للعلوم السياسية، عدد مزدوج 39-40 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، صيف-خريف 2013)، ص. 99.
[3] نظريات العلاقات الدولية: التخصص والتنوع، وهو الترجمة العربية للطبعة الثانية (2010) لكتاب International relations theories: discipline and diversity من تحرير: تيم دان، وميليا كوركي، وستيف سميث. ترجمة ديما الخضرا (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016)، ص.603.
[4] ففي أعمدة مجلة Foreign Affairs) (عرض جورج كينانGeorge Kennan) ) في نهاية سنوات 1940، عقيدة "الاحتواء"، وفيها أعلن صموئيل هاتنغتون(Samuel huntington) عن "نظريته" المشهورة "صدام الحضارات" في مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
[5] برتران بادي ودومينيك فيدال (ترجمة نصير مروة) أوضاع العالم سنة 2015 والحروب الجديدة (بيروت: مركز الفكر العربي، 2015)، ص. 72.
[6] هو تقرير صادر عن لجنة الشؤون البرلمانية الأوروبية مقدم من طرف النائبان أندري شننيدر André Schneider عن حزب اتحاد الأغلبية الرئاسية، وفيليب تورتيلييه Philippe Tourtellier عن الحزب الاشتراكي.
[7] برتران بادي ودومينيك فيدال أوضاع العالم سنة 2015 والحروب الجديدة، المرجع السابق الذكر، ص.73-74
[8] تقرير التنمية البشرية، سنة 1994، منشورات برنامج الأمم المتحدة للتنمية، تاريخ النشر 1/1/1994، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1994)، ص.123.
[9] عبد النور بن عنتر. تطور مفهوم الأمن في العلاقات الدولية. السياسة الدولية، العدد 160 (أبريل 2005)، ص. 60.
[10] برنامج الأمم المتحدة للتنمية. تقرير التنمية البشريةلسنة 1994، المرجع السابق الذكر، ص.124.
[11] UNDP. Human Development Report 1999: Globalization with a human face, Published for the United Nations Development Programme (UNDP: New York, Oxford University Press, 1999(, p 22.
[12]خديجة عرفة: تحولات مفهوم الأمن، الإنسان أولاً. منشور بتاريخ 09/05/2011، أنظر الرابط:
(www.politics-ar.com/ar/index.php/permalink/3043.htm), accessed october 4, 2021.
[13] تم الإعلان عن ميلاد معهد بوتسدام للأبحاث حول التأثيرات المناخية [ Potsdam Institute for Climate Impact Research (PIK) ] في سنة 1992، بمدينة بوتسدام الألمانية، ويتكون الهيكل الإداري للمركز من 340 موظف.
[14] Sustainable Development Solutions Network (http://sd.iisd.org/news/un-launches-sustainable-development-solutions-network/), accessed October 2, 2021.